المحكمة العليا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
(( الدائرة الجنائية الخامسة ))
بجلستها المنعقدة علناً صباح يوم الاربعاء 24 / الصفر … الموافق 18 / 1 / 2012 م بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس .
برئاسة المستشار الأستاذ / د . حسن محمد أحميدة “رئيس الدائرة”
وعضوية المستشارين الأساتذة :
1- المبروك عبدالله الفاخري .
2- الصادق الطاهر سعيــــــد.
3- رمضان فرج بالليـــــــل .
4- خليفة عمــــــر الأبيض .
وبحضور المحامي العام
بنيابة النقض الأستاذ / خليفة السنوسي الجريبي .
ومسجل الدائرة الأخ / مجدي العربي الشريف .
أصدرت الحكم الآتي
في قضية الطعن الجنائي رقم 775 / 55 ق
المقدم من : النيابة العامة
ضد : م….. ج…. م….. ال….ي
عن الحكم الصادر من محكمة إستئناف مصراته دائرة الجنايات بتاريخ 19 / 11 / 2007م في القضية 128 / 2001 الجمعة 223 / 30 ق .
بعد تلاوة تقرير التلخيص ، وسماع رأي نيابة النقض ، والاطلاع على الأوراق والمداولة .
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده لأنه بتاريخ 7 / 5 / 2001 بدائرة مركز شرطة الجمعة باعتباره موظفاً عمومياً وضع أثناء ممارسته لمهامه وثيقة مزوره في كليتها ، وذلك بأن أعد قائمة بدرجات التلاميذ بالصف التاسع بالمدرسة التي يعد مديرها تخالف حقيقة ما عليه الحال وتحصل عليه كل طالب وقام بإرسال الوثيقة إلى الدراسة والامتحانات بعد أن زور توقيعات بعض المدرسين وعلى النحو المفصل بالأوراق .
وقدمته إلى غرفة الاتهام وطلبت منها أحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته عما نسب إليه طبقاً لنص المادة 341 من قانون العقوبات والغرفة قررت ذلك ومحكمة الجنايات قضت في الدعوى بتاريخ 19 / 11 / 2007م غيابياً ببراءة المتهم مما نسب إليه .
وهذا هو الحكم المطعون فيه .
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 19 / 11 / 2007م وفي يوم 19 / 11 / 2008م قرر أحد أعضاء النيابة بمكتب المحامي العام .. مصراته بالطعن فيه بطريق النقض أمام قلم كتاب المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودع لدى نفس القلم مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه ونيابة النقض قدمت مذكرة برأيها القانوني في الطعن أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن شكلاً لإيداع أسبابه بعد الميعاد القانوني .
وحددت جلسة 14 / 12 / 2011م لنظر الطعن وبهذه الجلسة تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ونيابة النقض تمسكت برأيها السابق ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم .
الأسباب
من حيث شكل الطعن : فأنه لما كانت المادة 385 من قانون الإجراءات الجنائية توجب أن يتم التقرير بالطعن في الحكم بطريق النقض في ظرف ستين يوماً من تاريخ صدوره ويجب إيداع الأسباب التي بني عليها الطعن خلال الميعاد المذكور وفقاً لنص المادة 387 من ذات القانون ، وكان يبين من أوراق الدعوى أن الطعن قد وقع التقرير به وإيداع أسبابه في اليوم الحادي والستين من تاريخ صدور الحكم ، وكان من المقرر أنه إذا كان اليوم الذي ينتهي به ميعاد التقرير بالطعن وإيداع أسبابه عطلة رسمية ، فأن الميعاد يمتد إلى اليوم الذي يليه وفقاً لما تقتضي به المادة 19 من قانون المرافعات المدنية وهي المرجع الذي يتعين الرجوع إليه إذا ما وجد قصور في القانون الإجراءات الجنائية بشأن المواعيد وجريانها ، وحيث أن الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 19 / 11 / 2007م وأن التقرير بالطعن وإيداع أسبابه قد تم بتاريخ 19 / 1 / 2008 م وفي اليوم الحادي والستين لصدور الحكم إلا أنه لما كان يوم صدور الحكم لا يدخل في ميعاد التقرير بالطعن وإيداع أسبابه كما أستقر على ذلك الفقه والقضاء ومن ثم فأن ميعاد التقرير بالطعن يبدأ من يوم 20 / 11 / 2007م وينتهي في يوم 18 / 1 / 2008م ولما كان هذا اليوم هو يوم جمعة وهو عطلة رسميه وهو ما يجعل الميعاد يمتد إلى اليوم الذي يليه وهو يوم السبت 19 / 1 / 2008م ولما كانت النيابة العامة قد قررت بالطعن وأودعت أسبابه في اليوم المذكور فأن الطعن يكون قد وقع التقرير به وإيداع أسبابه التي بني عليها خلال الميعاد القانوني مما يجعله مقبول شكلاً وعل عكس ما ذهبت إليه نيابة النقض .
وحيث أن مما تنعي به النيابة العامة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وأية ذلك أن المحكمة المطعون على قضائها انتهت إلى القضاء ببراءة المتهم مما نيب إليه تأسيساً على أن المحرر المزور محل الاتهام لم يرفق بالأوراق وكان قضاء المحكمة العليا قد أستقر على وجوب أرفاق المحرر المدعي بتزويره ومن ثم فلا يسع المحكمة إلا القضاء ببراءة المتهم في حين أن المحكمة العليا قررت بدوائرها المجتمعة العدول عن المبدأ السابق وإقرار مبدأ جديد مقتضاه أنه وفقاً لنص المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية لايشترط ثبوت جريمة التزوير وجود الورقة المزورة تحث نظر المحكمة مما يجوز معه إثبات جريمة التزوير بجميع وسائل الإثبات المقررة في القانون الإجراءات الجنائية ، وإذ ذهبت المحكمة المطعون في قضائها إلى غير ذلك فأن ذلك يعيب حكمها بما يتعين معه نقضه .
وحيث أن الحكم المطعون فيه لخص واقعة الدعوى بما مفاده “أن المطعون ضده باعتباره مدير مدرسة أمحمد المقريف للتعليم الأساسي بمؤتمر شهداء كعام قام بتزوير الأوراق التي تحتوي على درجات اللغة الانجليزية بالمدرسة الخاصة بتلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي وقام بإرسالها إلى قسم التقويم والقياس بأمانة التعليم وقد اتخذت الإجراءات في الواقعة بناء على طلب مدرس المادة الذي وجد أن الدرجات التي سلمها لمدير المدرسة هي غير الدرجات التي أسلت للتعليم ، وبسؤال المتهم عما أسند أليه بمحضر تحقيق النيابة العامة أعترف بأنه فعلاً قام بتزوير درجات مادة اللغة الانجليزية للصف التاسع من أجل مساعدة الطلاب .”
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى أنتهى إلى القضاء غيابياً ببراءة المتهم مما أسند إليه وساق للتدليل على ذلك قوله :
( وحيث أن هذه المحكمة وهي بصدد اطلاعها على الأوراق تبين لها أن المحرر المزور لم يرفق بالأوراق وأن النيابة العامة لم تستطع الحصول عليه لتسوية الموضوع من قبل الرقابة الإدارية وحيث إن قضاء المحكمة العليا قد أستقر على وجوب أرفاق المحرر المدعي بتزويره وحيث أنه كذلك فلا يسع هذه المحكمة إلا القضاء ببراءة المتهم مما نسب إليه . )
لما كان ذلك وكان من المقرر في القضاء هذه المحكمة بدوائرها مجتمعة أنه لا يشترط لثبوت جريمة التزوير وجود الورقة المزورة تحت نظر المحكمة ذلك أن من المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة وفقاً لنص المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية أن العبرة في الإثبات في المسائل الجنائية هي باقتناع محكمة بالموضوع واطمئنانها إلى الأدلة المطروحة عليها بما لها من سلطة في وزن الأدلة القائمة في الدعوى والأخذ منها بما تراه موصلاً إلى الحقيقة التي تنشدها وطرح ما عداه شريطة أن يكون بما أخذت به أصله الثابت بأوراق الدعوى وأن يؤدي إلى ما انتهت إليه دون مجافاة للعقل أو المنطق ولا إلزام عليها بإتباع طريق معين للإثبات إلا إذا أوجبه القانون عليها أو حضر عليها طريقاً معيناً للإثبات ، وكان لا يوجد في القانون الجنائي ما يحدد للقاضي طرق استدلال خاصة للإثبات في قضايا التزوير بل أن كل وسائل الإثبات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية تصلح لذلك ، ومن ثم فإنه لا يشترط لثبوت جريمة التزوير وجود الورقة المزورة تحت نظر المحكمة كما ذهبت إلى ذلك المحكمة المطعون في قضائها باعتبارها من أدلة الجريمة لأن ذلك يضيف قيداً عند أثبات جرائم التزوير لم يرد به نص في القانون ويخالف المبدأ العام في الإثبات في القانون الجنائي المشار إليه سابقاً فضلاً عن أنه يؤدي إلى إفلات المجرمين من العقاب لاسيما أولئك الذين يتمكنون من أتلاف أو إخفاء أصول الوثائق المزورة مما يتعذر معه عرض الوثائق المزورة على المحكمة وإذا انتهت المحكمة المطعون في حكمها إلى ما انتهت إليه من ضرورة وجود المحرر المدعي بتزوير أمام المحكمة و انتهت إلى القضاء ببراءة المتهم في حالة عدم وجوده فأن ذلك يعيب حكمها بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب الذي يتعين معه نقضه ، دون حاجة لمناقشة النعي الآخر للطاعنة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة إستئناف مصراته … دائرة الجنايات للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى .
المستشار المسجل
حسن محمد أحميدة مجدي العربي الشريف
رئيس الدائرة