المحكمة العليـــــا
بسم الله الرحمن الرحيم
بإسم الشعب
الدائرة المدنية
بالجلسة المنعقدة علناً صباح يوم الاثنين 5 جمادي الآخرة 1400 من وفاة الرسول الموافق 30 / 11 / 1992 م ، بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس .
برئاسة المستشار الأستــــــــاذ : أحمد الطـــــــاهر الــزاوي ( رئيس الدائرة )
وعضوية المستشارين الأساتذة : أحمـــد مختـــــار حيمــــة
: يوسف مولــــــــود الحنيش
: حسيــن مختــار البوعيشي
: الزروق محمد أبو رخيص
وبحضور رئيس النيابة الأستاذ : محمد إبراهيــــــم الورفلي
ومسجـــــل المحكمــــــــة الأخ : جمعــــة محمــــد الأشهــر
أصدرت الحكم الآتي
في قضية الطعن المدني رقم 34 / 39 ق
المقدم من :
الممثل القانوني لشركة ليبيا للتأمين
ضـــد :
ع…… ع……..س…….
عن الحكـــم الصادر من محكمة بنغازي الابتدائية ( الدائرة الاستئنافية ) بتاريخ 3 / 11 / 1991 م ، في الاستئناف رقم 40 و 41 / 1991 م .
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص وسماع المرافعة الشفوية ورأي نيابة النقض والمداولة قانوناً .
الوقــــائع
أقــام المطعون ضــده الدعوى رقم 401 / 90 أمام محكمة جنوب بنغازي الجزئية بصحيفة . قال فيها أنه كان راكباً مع المدعي عليه الأول المدعو جمال حسن عزوز في سيارته المؤمنة لدى الشركة الطاعنة بموجب وثيقة التأمين رقم 407821 وأثناء سير المركبة اختل توازنها فانقلبت وأصيب المدعي (المطعون ضده) بإصابة نتج عنها كسر بالعمود الفقري و قطع بالنخاع الشوكي وشلل نصفي للأطراف السفلى وعدم القدرة على التحكم في الإخراج وقد ثبت خطأ المدعي عليه السائق بموجب الأمر الجنائي الصادر ضده وانتهى إلى طلب من المدعي عليهما متضامنين بدفع سبعين ألف دينار تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به الأول باعتباره مسئولاً عن الخطأ والثاني باعتباره مسئولاً عن تغطية المسئولية الدنية بموجب عقد التأمين ومع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة .
قضت محكمة أول درجة بإلزام المدعي عليهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي خمسة وثلاثين ألف دينار تعويضاً ما لحقه من الأضرار المادية والمعنوية مع إلزامها بالمصروفات .
استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة بنغازي الابتدائية كما أستأنفه المطعون ضده ، وبعد أن نظرت للمحكمة الاستئنافين قضت الأول شكلاً ورفضه موضوعاً .
وبعدم قول استئناف الثاني شكلاً لرفعه بعد الميعاد .
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 13 / 11 / 1991 م ، وأعلن إلى الطاعن بصفته بتاريخ 9 / 12 / 1991 م .
وبتاريخ 7 / 1 / 1991 م ، قرر أحد أعضاء إدارة القضايا – فرع بنغازي – الطعن فيه بطريق النقض نيابة عن الطاعن بموجب تقرير أمام قلم كتاب المحكمة العليا وسدد الرسوم وأودع الكفالة وأودع في نفس التاريخ حافظة بمستنداته من بين ما احتوت عليه صــورة رسميـــة من الحكم المطعون فيه وأخرى من حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه ، وبتاريخ 19 /1 / 1992 م ، أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده بذات التاريخ .
وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وفي الجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها .
الأسبــــــــاب
حيث أن الطعــن استوفى أوضــــاعه المقررة في القــانون فإنه يكـــون مقبـولاً شكــلاً
وحيث أن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه في السبب الأول بالخطأ سفي تطبيق القانون وتأويله من وجهين :
حاصل الوجه الأول : أن المحكمة المطعون في حكمها اعتمدت أسباب محكمة أول درجة التي رفضت الدفع بسقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم لانقضاء ثلاث سنوات من اليــــوم الــذي علــم فيه المضرور بحـــدوث الضرر وبالمسئول عنه استنـاداً إلى نص المادة 369 من القانون المدني معتبرة سوء العلاقات السياسية بين ليبيا ومصر من قبيل القوة القاهرة التي تعتبر سبباً يقطع التقادم في حين أن تجميد هذه العلاقات لا يمنع المطعون ضده من مخاصمة الطاعن في المدة الزمنية المحددة قانوناً ، بدليل قدوم المصريين إلى ليبيا طوال تلك الفترة ولو عن طريق دول أخرى ، كمــا أن القــــانون قد عين القوة القاهرة ، وليس من بينها فتور العلاقات السياسية أو …. مما يكون معه الحكم الابتدائي المؤيد للحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون .
وحيث أن النعي في هذا الوجه غير سديد ذلك أن المادة 369 من القانون المدني تنص أنه ( لايسرى التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً ) ومفاد ذلك أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إذا كان ثمة مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه في الوقت المناسب ولو كان المانع أدبياً ، ولم ير المشرع إيراد الموانع على سيبل الحصر بل عمم الحكم لينطبق كلما ثبت لدى قاضي الموضوع أن صاحب الحق كان عاجزاً عن اتخاذ أي إجراء قاطع للتقادم مدة قيام المانع القهري .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت في مدوناته أن الحادث الذي سبب الضرر للمطعون ضده وقع بتاريخ 13 / 9 / 76 م ، وأنه غادر ليبيا بعد ذلك التاريخ مع بداية عام 1977م للعلاج في القاهرة لسوء حالته الصحية ، وأن العلاقات الليبية المصرية قد تدهورت منذ ذلك العام على نحو معلوم للكافة وانقطعت سبل الاتصال والمواصلات بين البلدين ولم يكن في استطاعة المدعي الوصول إلى ليبيا ومباشرة حقه في رفع الدعوى كشأن كل مواطن عادي ومع الأخذ في الاعتبار جسامة الإصابة اللاحقة والتي نجم عنها عجز مستمر له بسبب تشوه العمود الفقري ووجود شلل نصفي أسفل وحالة سلس بولي مع عدم التحكم في مخرج البول والبراز ، وهو بما ترى معه المحكمة تحقق المانع الذي يوقف سريان التقادم .
فإن الحكم المطعون فيه يكون قد اثبت في استخلاص سائغ وسليم توافرها منع مادي أو اضطراري تعذر معه على المطعون ضده أن يطالب بحقه وإذا أعتبر ذلك سبباً لوقف التقادم المنصوص عليه في المادة 175 من القانون المدني وعد سريانه في حق المطعون ضده وقضى بناء على ذلك برفض الدفع بسقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم فإنه يكون قد اعمل صحيح القانون ولم يخطئ في تطبيقه أو تأويله .
وحيث أن حاصل ما ينعى به الطاعن في الوجه الثاني أن أسباب الحكم انطوت على تفسير خاطئ للقانون رقم 28 لسنة 71 م ، في شأن التامين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث المرور إذ رغم صراحة النص على أن التغطية التأمينية لا تشمل ركاب المركبات الخاصة فقد أسست المحكمة قضائها على اجتهاد لا أساس له من الواقع أو القانون .
وحيث أن هذا النعي غير سديد ذلك أن تغيير المؤمن له وجه استعمال السيارة من سيارة خاصة وعلى خلاف الغرض المبين برخصتها إلى سيارة لنقل الركاب لا يحتج قبل المضرور بالدفوع المستمدة من عقد التأمين وللمؤمن الرجوع على المؤمن له نتيجة ما يؤديه من تعويض .
لما كان ذلك وكانت الشروط العام الواردة بوثيقة التامين ينص الشرط الأول منها على انه :
يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة دنية تلحق أي شخص من الحوادث التي تقع في الجماهيرية من السيارات المثبتة بياناتها في هذه الوثيقة وذلك عن مدة سريانها ، ويسري هذا الالتزام لصالح الغير من حوادث السيارات أيا كان نوعها ولصالح الركاب أيضاً من حوادث السيارات الآتية :
أ- سيارات الأجرة وتحت الطلب ……… الخ .
وتنص المادة الخامسة من نفس الوثيقة على أنه :
يجوز للمؤمن أن يرجع على المؤمن له بقيمة ما يكون قد أداه من تعويض في الحالات الآتية :
ب- استعمال السيارة في غير الغرض المبين ترخيصها أو قبول ركاب أو وضع حمولة أكثر من المقرر لها أو استعمالها في السياق أو اختبارات السرعة …
وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده كن ضمن ركاب السيارة المؤمنة والتي شكلت الحادث .. وكان قبول الراكب سواء أكان بأجر أو بدون اجر لا يمنعه من الرجوع على المؤمن ومطالبته بالتعويض عن الأضرار ولأنه طبقاً للمادة 750 من القانون المدني يقع باطلاً الشرط الذي يقضي بسقوط الحق في التأمين بسبب مخالفة القوانين واللوائح إلا إذا انطوت هذه المخالفة على جناية أو جنحة عمدية أو كان الشرط مطبوعاً في العقد بشكل بارز وظاهر يلفت نظر المؤمن له ليكون على بينة منه .
وكأن لا يحق للمؤمن أن يحتج قبل المضرور بالدفوع المستمدة من عقد التأمين والتي يمكنه الاحتجاج بها قبل المؤمن له وإنما له حق الرجوع على هذا الأخير بقيمة ما يكون قد أداه من تعويض إذ أن تغير وجه استعمال السيارة أو استعملها في غير الغرض المبين برخصتها فإن الحكم المطعون فيه إذا التزم هذا النظر ولم يأخذ بدفاع الطاعن من عدم أحقية المطعون ضده في التعويض باعتبار أنه كان راكباً في سيارة خاصة وفضلاً عن أن ركاب السيارات الخاصة استثنتهم وثيقة التأمين من بين من لهم الحق في التعويض فإن المؤمن له قد استعمل السيارة في غير الغرض المبين بترخيصها حيث نقل فيها ركاباً مخالفاً للقانون وأعتبر هذا الشرط الذي تضمنته وثيقة التأمين شرطاً باطلاً لأنه ينطوي على إسقاط الحق في التأمين وفقاً لما تنص عليه المادة 750 مدني لا يكون قد أخطأ في تفسير القانون وتكون محكمة الموضوع قد أعملت سلطتها التقديرية في تقرير ما إذا كان لمخالفة الشرط أثر مما يبطل معه الشرط التعسفي وهي في ذلك بمنأى عن رقابة المحكمة العليا .
وحيث أن الرد على هذا السبب يتضمن الرد ما ينعي به الطاعن في السبب الثاني من أن المحكمة المطعون في حكمها قد أخذت بما يدين المطعون ضده من أنه كان راكباً بأجر دون أن يكون لهذا الادعاء أصل بالأوراق وأنه بفرض ذلك فإن المركبة خاصة وليست معدة لنقل الركاب وفقاً لما ينص عليه القانون ومن ثم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن بصفته بالمصروفات .
رئيس الدائرة المستشار المستشار
أحمد الطاهر الزاوي أحمد مختار حيمة يوسف مولود الحنيش
المستشار المستشار
حسين مختار البوعيشي الزروق محمد أبو رخيص
مسجل المحكمة
جمعة محمد الأشهر