أحكام مدنيةالطعن المدني بالدوائر المجتمعة رقم 811 / 53 ق بشأن حرية المحاكم في إثبات المسؤولية الطبية

ملخص المبدأ

{ لا إلزام على المحاكم عند تحديد قيام المسؤولية الطبية بعرض الواقعة على المجلس الطبي كما أنها ليست ملزمة بما قد يرد في تقرير المجلس الطبي بشأن تحديد المسؤولية الطبية}

ليبيا

المحكمة العليا

ـــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

(( دوائر المحكمة مجتمعة ))

بجلستها المنعقدة علنـــا صباح يوم الاثنين 20 صفر 1434 هـ الموافق 23ـ 12 ـ 2013 ميلادية بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس

برئاسة المستشار الأستاذ : ـ  يوسف مولود الحنيش

وعضوية المستشارين :  محمد إبراهيم الورفلــــي      عزام علـــــــــــــي الديب

                            صالح عبد القادر الصغير       فوزي خليفـــــــة العابـــد

                           عبد السلام امحمــد بحيح       المبروك عبد الله الفاخري

                          د/ سعد سالم العسبلـــــــي       د/ حميد محمد القماطـــي

                           فرج أحمـــــــــــد معروف      علي عمـــــــــران التواتي

                          د. نورالدين علي العكرمي      بشير سعد الزيانـــــــــــــي

وبحضور المحامي العام

بنيابة النقض الأستاذ : أحمد الطاهر النعاس

وأمين سر الجلسة السيد أسامة علي المدهوني

أصدرت القرار الآتي

في الطعن المدني رقم 811 / 53 ق

المقدم من الممثل القانوني لمصحة الأمل الطبية للولادة بصفته

يمثلـــه المحامي / يوسف عمر خربيش

1)   ع…   ام….  عب….. عن نفسه وبصفته وليا عن ابنه القاصر / عب…..   ع….   إم…….

2)   الممثل القانوني لشركة ليبيا للتأمين  بصفته

عن الحكم الصادر من محكمة جنوب طرابلس الابتدائية الدائرة الاستئنافية بتاريخ 10 / 6 / 2006 م في الاستئناف رقم 39 / 2005 ق

بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص وسماع المرافعة الشفوية ورأي نيابة النقض وبعد المداولة

الوقائع

أقام المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته وليا عن ابنه القاصر الدعوى رقم 6 لسنة 2004 م أمام محكمة باب بن غشير الجزئية على الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفتهما ، وقال بيانا لها إنه بتاريخ 16 / 10 / 1994 م رزق بطفل ، وأثناء عملية الوضع ، وبفعل الطبيب المشرف على الولادة والطاقم التابع له ثم جدب المولود بقوة من يده اليسرى ناحية الكتف فحصل له شلل على النحو الوارد في تقرير الطبيب ، وبالتالي توافرت المسئولية التقصيرية في حق المدعى عليهما ، وخلص إلى طلب إحالة المدعي على الطبيب الشرعي لتقدير نسبة العجز أو عدمه وإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له مائة ألف دينار تعويضا عن الضررين المادي والأدبي ، وقضت المحكمة برفض الدعوى ، فاستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم أمام محكمة جنوب طرابلس الابتدائية التي قضت بقبول الاستئناف شكلا وبإلزام المستأنف ضدهما بأن يدفعا للمستأنف عن نفسه وبصفته ثلاثين ألف دينار جبرا للإضرار التي لحقت به وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 10 / 6 / 2006 وثم إعلانه بتاريخ 19 / 7 / 2006 م وقرر محامي الطاعن بصفته الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 7 / 8 / 2006 م مسددا الرسم ومودعا الكفالة ومذكرة بأسباب الطعن وسند وكالته وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه ، ثم أودع بتاريخ 14 / 8 / 2006 م أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضدهما بصفتيهما بتاريخ 9 / 8 / 2006 م ، وأودعت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه ، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت برأيها

وبالنظر إلى أن من بين مناعي الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون لعدم اعتماده على تقرير المجلس الطبي واستناده إلى تقرير الطبيب الشرعي بالمخالفة لأحكام المادة 27 من القانون رقم 17 لسنة 1986 م بشأن المسئولية الطبية فقد قررت الدائرة إحالة القضية إلى دوائر المحكمة مجتمعة للعدول عن أي من البدأين الواردين في الطعن الجنائي رقم 364 / 36 ق وما صدر بعده من مبادئ مماثلة من أن اختصاص المجلس الطبي في تقرير قيام المسئولية الطبية وفقا للقانون رقم 17 لسنة 1986 قاصرا على الدعوى التأديبية ، وما ورد بالطعن المدني رقم 191 لسنة 41 ق وما صدر موافقا له من مبادئ من أن المجلس الطبي يختص بتقرير مدى قيام المسئولية المدنية من عدمه وإقرار ما تراه بذلك .

وأودعت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بالعدول عن المبادئ التي قررت اعتبار المجلس الوطني هو المختص بتحديد المسئولية عن الأخطاء الطبية دون غيره وعلى إطلاقها ، وكذلك المبادئ التي تقرر بأن اختصاص المجلس المحلي الطبي قاصر على تحديد المسؤولية الطبي وإرساء مبدأ مفاده أن المجلس الطبي يعد خبيرا مختصا لتحديد الخطأ الطبي ، وأن على محكمة الموضوع الإحالة عليه لتحديد وتقدير مدى وجود الخطأ الطبي ، ولا ينبغي طرح تقريره والركون إلى وسائل إثبات أخرى إلا في حالات محددة وخلال الجلسة تمسكت النيابة برأيها .

الأسباب

وحيث أن الأصل العام في التقاضي حرية القاضي في استخلاص الدليل من المصدر الذي يراه وحريته في الأخذ بالدليل وأو طرحه وفقا لما يقتنع به ولا يجوز الخروج عن هذا الأصل العام إلا بنص صريح في القانون يحدد طريقا معينا للإثبات وينص على أن القاضي ملزم بالاستناد إليه دون غيره

وحيث أن المادة السابعة والعشرين من القانون رقم 17 لسنة 1986 م بشأن المسؤولية الطبية تنص على :

يختص بتقرير مدى قيام المسؤولية الطبية مجلس طبي يتبع أمانة الصحة ويتكون من عدد من ذوي التخصصات العالية في المهن الطبية والمهن المرتبطة بها …………………………………………………………… وتسري في شأن المجلس المذكور الأحكام المتعلقة بالخبراء المنصوص عليها في قانون المرافعات والإجراءات الجنائية ، وذلك بما لا يتعارض وأحكام هذا القانون .

وكما هو واضح من هذا النص فإنه وإن كان قد بين طريقا لتقرير مدى قيام المسؤولية الطبية يتمثل في الاستعانة بالمجلس الطبي إلا أنه لم ينص على أن الاختصاص بذلك ينعقد حصريا للمجلس الطبي دون غيره ، كما لم يرتب النص المذكور أي إجراء على اعتماد المحكمة في إثبات المسؤولية الطبية أو نفيها على دليل آخر يخالف ما ينتهي إليه تقرير المجلس تقرير المجلس الطبي . ثم جاءت الإحالة في عجز المادة إلى الأحكام المتعلقة بالخبراء المنصوص عليها في قانون المرافعات والإجراءات الجنائية ، وهذه الأحكام حاسمة في عدم النص على إلزام القاضي بأن يستعين بخبير معين أو أن يؤسس قضاءه على ما ينتهي إليه تقرير ذلك الخبير

ومما يدعم هذا الرأي أنه كثيرا ما ترد في الواقع العلمي حالات يتعذر فيها الاستناد في تقرير مدى قيام المسؤولية الطبية إلى تقرير المجلس الطبي ، كما لو فشل المجلس في إحالة تقريره إلى المحكمة في الموعد المحدد وفقا للمادة 4 من قرار إنشائه رقم 182 لسنة 1989 م أو لم يتمكن من الحصول على المعلومات المطلوبة أو من الإطلاع وفحص الوثائق والمستندات ذات العلاقة بالقضية ، أو إذا كان هناك حكم جنائي يثبت أو ينفي نسبة الخطأ إلى الطبيب ، فضلا على أن قانون المسؤولية الطبية ينص على عدد من الأخطاء الطبية التي لا يحتج إثباتها أو نفيها إلى أي تقرير فني من أي جهة كامتناع الطبيب عن علاج المريض أو الانقطاع عن علاجه ، أو إجراء عملية جراحية دون أن تكون هناك موافقة كتابية من المريض ، أو وصف العلاج قبل إجراء الكشف على المريض وتشخيص مرضه أو تحرير تقرير طبي مخالف للحقيقة أو إدلاء الطبيب بمعلومات أو شهادة كاذبة مع علمه بذلك .

وترتيبا على ما تقدم ، فإنه بقدر ما للمحكمة من حق في إحالة الحالة المعروضة عليها إلى المجلس الطبي والأخذ بتقريره في تحديد مدى قيام المسؤولية الطبية ، فإنه لا إلزام عليها بالإحالة إلى المجلس ولا بالأخذ بتقريره ، ولها أن تستند في تحديد مدى قيام المسؤولية الطبية إلى أي دليل يؤدي إلى ذلك

فلهذه الأسباب

قررت المحكمة ــ بدوائرها مجتمعة ــ العدول عن المبادئ التي تقضي بإلزام المحكمة بعرض قضايا المسؤولية الطبية على المجلس الطبي والالتزام بما يرد في تقريره بشأن مدى قيام المسؤولية الطبية ، وإرساء مبدأ مفاده حق المحكمة في اختيار طريق الإثبات الذي تراه مؤديا إلى ذلك .

المستشار / يوسف مولود حنيش

المستشار / محمد إبراهيم الورفلي

المستشار / عزام علي الديب

المستشار / صالح عبد القادرالصغير

المستشار / فوزي خلية العابد

المستشار / عبد السلام امحمد بحيح

المستشار / المبروك عبدالله الفاخري

المستشار / د / سعد سالم العسبلي

المستشار / د / حميد محمد القماطي

المستشار / فرج أحمد معروف

المستشار / علي عمران التواتي

المستشار / د/ نور الدين علي العكرمي

المستشار / بشير سعد الرياني

أمين سر الجلسة / أسامة علي المدهوني    

 

ملاحظة : نطق بهذا القرار من الدائرة المشكلة من الأستاذ كمال دهان رئيسا ــ يوسف الحنيش ــ محمد الورفلي ــ المقطوف إشكال ــ عزام الديب ــ صالح الصغير ــ فوزي العابد ــ عبد السلام بحيح ــ المبروك الفاخري ــ د / سعد العسبلي ــ د / حميد القماطي ــ فرج معروف ــ د / نورالدين العكرمي .

logo-m
مدينة طرابلس شارع ميزران بقرب مسجد ميزران
00218913778096
00218924266231
melyassir@yahoo.com
elyassir@hotmail.com

Copyright © Data Technology 2021