أحكام دستوريةالطعن الدستوري رقم 5 لسنة 55 ق بعدم دستورية نص المادة 93 من قانون القضاء

المحكمة العليا

بسم الله الرحمن الرحيم

بإسم الشعب

(( الدائرة الدستورية ))

 

     بالجلسة المنعقدة علناً صباح يوم الأربعاء 24 ذي القعدة الموافق 11/11/1377 و.ر -2009 مسيحي . بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس .

برئاســـــــة المستشـــار الدكتــــور : عبد الرحمن محمد أبو توتة ،  ” رئيـــس الدائـــــــرة “

وعضوية المستشارين الأساتذة : 

                         يوسف مولـود الحنيش           د. خليفــــة سعيد القــاضي

                         محمد إبراهيـم الورفلي           فـــــــرج يوسف الصـلابي

                        المقطوف بلعيد اشكــال          عــــــــــــزام علــــي الذيب

                        جمعة صالح الفيتوري           د. صالح مصطفى البرغثي

                        الطاهر خليفة الــــواعر          صالح عبد القــــادر أبو زيد

                        الهاشمي علي الطـربان          د. جمعة محمـــــود الزريقي

                        رجب أبو راوي عقيـل          المبروك عبد الله الفـــــاخري

                       د. سعد ســالم العسبلــي         د. حميـــــد محمد القمــــاطي

وبحضور المحامي العام

بنيابة النقض الأستاذ : محمد القمــــودي الحافي .

ومدير إدارة التسجيل الأخ : ونيس أحمد الجدي .

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن الدستوري المقيد بالسجل العام تحت رقم 5/55 ق ،

بعدم دستورية القانون رقم 93 من القانون القضاء رقم 6 بشأن نظام القضاء

المقدم من : غيث عبد الحفيظ  الفاخري

ويمثله المحامي : فتحي أحمد المهدوي

ضد : 1. أمين مؤتمر الشعب العــام     2. أمـــانة مؤتمـــر الشعب العـــــام

3. أمين اللجنة الشعبية العامة     4. أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل

5. رئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية ، بصفاتهم

وتنوب عنهم إدارة القضايا

       بعد الإطــلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص وسماع المرافعة ورأي نيابة النقص ، وبعد المداولة قانوناً .

الوقــــــــائع

    أحيل الطاعن بصفته قاضياً بمحكمة شمال بنغازي الابتدائية على المجلس الأعلى للهيئات القضائية بوصفه مجلساً للتأديب وصدر بحقه بتاريخ 2007.01.01 ف ، قرار عن المجلس المذكور يقضي بنقله إلى وظيفة غير قضائية – ولما كان القرار المذكور وفقاً لنص المادة (93) من قانون نظام القضاء لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن فإنه ينتهي إلى طلب الحكم بعدم دستورية نص المادة (93) المشار إليه .

الإجــــــــراءات

    بتاريخ 2008.5.21 ف ، قرر محامي الطاعن أمام قلم كتاب المحكمة العليا الطعن بعدم دستورية المادة (93) من قانون نظام القضاء رقم 6/2006 مختصماً أمين وأمانة مؤتمر الشعب العام وأمين اللجنة الشعبية العامة ، وأمين اللجنة الشعبية العامة للعدل ورئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية بصفاتهم ، وسدد الرسم وأودع الكفالة وسند وكالته ومستندات أخرى ، وأودع بتاريخ 2008.5.22 ف ، أصل ورقة إعلان معلنة إلى المطعون ضدهم بذات التاريخ – وبتاريخ 2008.06.07 ف ، أودع أحد أعضاء إدارة القضايا مذكرة بدفاع الجهات المطعون ضدها انتهى فيها إلى عدم قبول الطعن لعدم المصلحة وعدم إتباع الإجراءات المقررة قانوناً لرفع الدعوى ، وأودعت نيابة النقض مذكرة بالرأي انتهت فيها إلى قبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع عدم دستورية المادة (93) محل الطعن .

    نظرت الدوائر المجتمعة للمحكمة العليا الطعن بجلسة 2009.6.29م ، وتم حجز القضية للحكم بجلسة اليوم .

الأسباب

حيث أن الطعن استوفى أوضاعه المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً .

وحيث ينعى الطاعن على النص محل الطعن مخالفته للدستور والإعلانات والوثائق الدستورية المعمول بها ولأحكام الشريعة الإسلامية ، ذلك أن الإعلان الدستوري الصادر سنة (1969) قرر حماية واسعة للحقوق والحريات وتلاه صدور إعلان قيام سلطة الشعب في شهر مارس (1977) والذي أكد على أن القرآن الكريم شريعة المجتمع وأن السلطة الشعبية المباشرة هي أساس النظام السياسي بالجماهيرية ثم صدرت الوثيقة الخضراء الكبرى سنة (1988) التي كرست حق كل فرد في اللجوء إلى القضاء لإنصافه من أي مساس بحقوقه وحرياته وصدر قانون تعزيز الحرية رقم 20 لسنة 1991 مؤكداً على المبادئ ذات الصلة بحقوق الأفراد وحرياتهم والتي بينها المشرع بإصداره القانون رقم 5/1991 بشأن تطبيق مبادئ الوثيقة الخضراء وبالتالي فإن كلمة دستور تنصرف إلى جملة الإعلانات الدستورية المشار إليها وإلى العرف وقواعد الشريعة .

    ولما كان نص المادة 93 من قانون نظام القضاء – محل الطعن – فيما تضمنه من عدم جواز الطعن في الحكم الصادر عن مجلس القضاء في الدعوى التأديبية هو نص مخالف للدستور لحرمانه الطاعن من حق التقاضي وإهداره كافة الحقوق المنصوص عليها في الوثائق الدستورية التي كلفت حق المساواة أمام القانون وحق اللجوء إلى القضاء وتقييده للسلطة القضائية في مباشرة ولايتها وكان المشرع الدستوري وأن أجاز للمشرع العادي تنظيم ممارسة حق التقاضي بقانون فإنه لا يقصد تفويضه  في نقض هذا الحق والانتقاض منه فأن فعل يكون قد خرج عن أحكام الدستور – ويتضح من قضاء المحكمة العليا – كما ذكر الطاعن وأورد بعض المبادئ – أنه أستقر على أن النصوص المانعة من التقاضي تخالف الدستور وهو قضاء يتفق وصحيح القانون لأن النصوص المانعة من التقاضي تعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الأفراد وإخلالاً بمبدأ المساواة بين المواطنين وهو ما أجمع عليه الفقه أيضاً .

    وحيث أن نص المادة (93) المطعون بعدم دستورية جاء ترديداً لما ورد بالتشريعات المانعة من التقاضي والتي عرضت على المحكمة العليا وقضت بعدم دستوريتها فإنه يتعين الحكم بعدم دستورية هذا النص لأنه أضفى حصانة على قرارات مجلس التأديب وهي قرارات إدارية من الطعن عليها بأي وجه .

   وحيث أن جميع هذه الناعي تدور حول مدى دستورية نص المادة 93 من القانون رقم 6/2006 بشأن نظام بشأن نظام القضاء فيما تضمنه من عدم جواز الطعن بأي طريق في الحكم الصادر في الدعاوى التأديبية عن المجلس العلى للهيئات القضائية بوصفه مجلساً للتأديب ، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه وإن كان الأصل في القرارات الإدارية المشروعية والصحة ويجب أن تستند رقابة القضاء عليها بالإلغاء إلى نص صريح في القانون فلا تلغى إلا بتصريح من المشرع إلا أن هذه الرقابة لا يجوز تقييدها أو الحد منها إذا تعلق الأمر بحق من الحقوق الأساسية المكفولة في الدستور – فإذا ما صدر قانون متضمناً نصاً مانعاً من اللجوء إلى القضاء صاحب الولاية العامة يصح أن يكون محل نظر القضاء الدستوري ، وللقضاء أن يناقش كل يتضمن هذا القيد لكي يقدر ما إذا كانت هناك ضرورة معينة أو ظروفاً استثنائية أو مصالح عليا أو اعتبارات تتعلق بالأمن والنظام العام تسمح بإسباغ الحصانة على مثل هذه القرارات الإدارية القابلة بطبيعتها للإلغاء والتي تمس حقاً أصيلاً مقرراً في الدستور – ومهمة القضاء الدستوري في هذا المقام أن يزن كل قانون بظروفه واعتباراته فإذا وجد القضاء وهو يمارس الرقابة الدستورية التي تبرر التقييد من الطعن أو حصانة القرارات الإدارية كان القانون الذي تستند إليه بمنجاة من أي طعن وإذا لم تكن هناك جدية تبرر هذا التقييد كان القانون محلاً للطعن بعدم الدستورية .

    لما كان ذلك وكان القانون رقم 6/2006 بشأن نظام القضاء نص في المادة (93) منه على أن ” تنظر الدعوى التأديبية ويحكم فيها في جلسات سرية – ويجب أن يكون الحكم في الدعـــــوى التأديبية مشتملاً على الأسبـــــــــاب التي يبنى عليها وأن تتلى أسبابه عند النطق به – ويكون الحكم نهائياً ولا يجوز الطعن عليه بأي طريق ” .

    وكانت الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير قد نصت في عجز البند (26) من المبادئ التي أوردتها ” ولكل فرد الحق في اللجوء إلى القضاء لإنصافه من أي مساس بحقوقه وحرياته الواردة فيها ” ، كما ردد القانون رقم 20/1991 بشأن تعزيز الحرية هذا المبدأ في المادة (الثلاثين) منه والتي جاء فيها ” لكل شخص الحق في الالتجاء إلى القضاء وفقاً للقانون وتؤمن له المحكمة كافة الضمانات اللازمة … ” .

    وورد بالمادة الخامسة والثلاثين من ذات القانون أن ” أحكام هذا القانون أساسية ولا يجوز أن يصدر ما يخالفها ويعدل كل ما يتعارض معها من تشريعات ” .

    ومفاد ذلك أن القضاة وهم من ضمن فئات المجتمع يكون من حقهم كباقي الأفراد اللجوء إلى المحاكم لدرء أي مساس بحقوقهم ولا يسوغ القول بغير ذلك لما ينطوي عليه ذلك من إخلال بمبدأ المساواة ومساس بوظيفة القاضي الذي يجب أن يقضي بين الناس بالحق والعدل وهو يعلم أنه محروم من هذا الحق إذا حدث مساس بحقوقه .

    وحيث أنه لا يستشف من نص المادة (93) محل الطعن بعدم جواز الطعن بعدم جواز الطعن في قرارات المجلس الأعلى للهيئات القضائية باعتباره مجلساً للتأديب أن هناك ضرورة أو ظرفاً استثنائياً أو مصلحة عليا أو اعتباراً للأمن أو النظام العام يستند إليها هذا المنع – بما يكون معه قرار المجلس في هذا الشأن وأن وصفه المشرع بأنه حكم هو قرار إداري تسري بشأنه الأحكام المنظمة للقرارات الإدارية من حيث إصدارها أو سحبها أو إلغائها أو الطعن فيها أمام الجهة القضائية المختصة ويكون ما ينعى به الطاعن في هذا الشأن في محله ، ويتعين بالتالي الحكم بعدم دستورية عجز المادة (93) من القانون رقم 6/2006 بشأن نظام القضاء فيما تضمنه من عدم جواز الطعن فيما يصدره المجلس الأعلى للهيئات القضائية بوصفه مجلساً للتأديب من أحكام الدعاوى التأديبية دون إخلال باختصاص المجلس بنظر الدعوى التأديبية وفقاً للنصوص المنظمة لذلك بقانون نظام القضاء رقم 6/2006 .

فلهذه الأسباب

    حكمت المحكمـــة بدوائرهــــا مجتمعــــــة بقبول الطعن شكـــلاً وبعدم دستورية نص المادة (93) من القانون رقم 6/2006 بشأن نظام القضاء فيما تضمنه من عدم جواز الطعن في الأحكام التي يصدرها المجلس الأعلى للهيئات القضائية في الدعاوى التأديبية بوصفه مجلساً للتأديب بأي طريق .

                                                                                 الدكتور المستشار

                                                                                  عبدالرحمن أبو توتة

                                                                                رئيس المحكمة

المستشـــارون : يوسف مولود الحنيش – د. خليفة سعيد القاضي – محمد إبراهيم الورفلي

فرج يوسف الصلابي – المقطوف بلعيد إشكال – عزام علي الديب – جمعة صالح الفيتوري

د. صـــالح مصطفى البرغثي – الطــــاهر خليفة الــــــواعر – صـــــالح عبد القادر أبو زيد

الهـــاشمي علي الطـــربان – د. جمعـــة محمود الزريقي – رجب أبـــــو راوي عقيـــــــــل

المبروك عبد الله الفاخـــــري – د. سعيد ســـــالم العسبلي – د. حميـــــد محمد القمــــاطي

 

                                         مدير إدارة التسجيل

                                         ونيس أحمد الجدي

logo-m
مدينة طرابلس شارع ميزران بقرب مسجد ميزران
00218913778096
00218924266231
melyassir@yahoo.com
elyassir@hotmail.com

Copyright © Data Technology 2021