المحكمة العليـــــــــــــا
بسم الله الرحمن الرحيم
بـإســــم الشعب
( دائرة المحكمة مجتمعة )
بالجلســــــــــة المنعقــــــدة علنــــــاً صبــــاح يـــــوم الاربعـــــاء 14 من ذي القعــــدة .
المـــوافق 12/11/1376 و.ر -2008 مسيحي ، بمقر المحكمـــــة العليا بمدينة طرابلس .
برئاســــة المستشـــار الدكتـور : عبد الرحمن محمد أبو توتة ( رئيس المحكمة )
وعضوية المستشارين الأساتذة : يوســف مولود الحنيش ـ محمد إبراهيم الــــــــورفلي
فـــرج يوسف الصـلابي – المقـــــــطوف بلعيد اشكال
جمعة صالــح الفيتوري – د. صالح مصطفى البرغثي
الطــاهر خليفة الواعـــر – علي مختـــــــــــار الصقر
التواتــي حمد أبو وشاح – الهاشمي علي الطربـــــان
د. جمعــة محمود الزريقي – رجب أبـــو راوي عقيل
المبـروك عبد الله الفاخري – د. سعــد سالـم العسبلي
د. حميد محمد القمــــاطي – فــرج أحمــد معـــروف
وبحضور المحامي العام
بنيابة النقض الأستـــاذ : محمد القمودي الحافي
ومدير إدارة التسجيل الأخ : ونيس أحمد الجدي
أصدرت الحكم الآتي
في قضية الطعن الدستوري رقم 2/52 ق
بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 28 لسنة 1971 مسيحي بشأن التامين الإجباري المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 1371 و.ر .
المقدم من :
ورثة س …ع ……. ب ……. ، وورثة أ…. ال ….. بن ك ……. وهم :
1 – ط …. ع .. بن ك….. ، عن نفسه وبصفته ولياً عن أبنائه القصر منها وهم : أمنة ، إسلام ، عبد الله ، ريحان ، امل ، علي ، إيناس .
2- أبنها أ…. ط….. بن ك…… ، 3- والدتها أمنة ال …. ف ……… .
يمثلهم المحامي / مبارك مفتاح الشريف .
ضد :
1- أمين مؤتمر الشعبي العــــــــــــــــــام .
2- أمين شؤون المؤتمـــــرات الشعبيــة .
3- أمين اللجنة الشعبية العامـــــــــــــــة .
4- الممثل القانوني لشركة ليبيا للتأمين .
وتنوب عنهم إدارة القضايا
بعد الاطلاع على الأوراق ، وتلاوة تقرير التلخيص ، وسماع رأي نيابة النقض ، وبعد المداولة .
الوقـــائـــع
تتحصل الوقائع حسبما يبين من الطعن المقدم ومن سائر الأوراق في أن مورثي الطاعنين س … ع …. ب …. وأبنها أ….. ط …. بن ك …. كانا مستقلان مع باقي أفراد أسرتهما المركبة الالية رقم 343441 المسجلة باسم ط …. بن ع .. ك …. بتاريخ 7/7/1997 مسيحي والمؤمنة لدى شركة ليبيا للتأمين المطعون ضدها الرابعة بموجب وثيقة التامين رقم 3409770 صادرة عن فرع الشركة بأبي سليم والسارية المفعول حتى يوم 7/8/2000 مسيحي .
وبتاريخ 2/2/1998 مسيحي ، وبينما كان مورثا الطاعنين في طريقهم بالسيارة المشار إليها ، قاصدين مدينة طرابلس وبالقرب من مدينة إجدابيا أنفجر فجأة الإطار الأمامي الأيسر للسيارة مما أدى إلى اختلال توازنها وانقلابها على يمين الطريق العام ، مما نتج عنه وفاة مورثي الطاعنين وإصابة باقي الأبناء الذين كانوا برفقتهم وهم :
( آمال ، وريحان ، وعبد الله ، وإسلام ، وأمنة ، وإيناس ) .
باشر الورثة الطاعنين دعواهم الموضوعية تحت رقم 337 / 99 ، أمام محكمة بنغازي الابتدائية ، ضد شركة ليبيا للتأمين – المطعون ضدها الرابعة – طلبوا فيها الحكم بإلزامها بان تدفع لهم مبلغ وقدره ( خمسمائة الف دينار تعويضاً شاملاً لهم عن الأضرار المادية والأدبية ، التي لحقت بهم بسبب فقد موروثهم ، وما لحقهم من اصابات مع المصاريف والأتعاب مستندين في دعواهم على احكام القانون رقم 28 لسنة 71 )
وبتاريخ 17 . 10 . 1999 مسيحي قضت محكمة شمال بنغازي الابتدائية المدنية برفض الدعوى والزام رافعها المصاريف .
لم يرتض الطاعنون بهذا القضاء ، فطعنوا عليه امام محكمة استئناف بنغازي المدنية تحت رقم 561 / 99 ، وقد تداول نظر الدعوى امام محكمة استئناف بنغازي لعدة جلسات تقدم خلالها الطاعنون بمذكرة طالبوا فيها من المحكمة الامتناع عن تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 28 لسنة 71 مسيحي بشان التأمين الإجباري والمعدلة بالقانون رقم 8 لسنة 1371 و. ر .
الإجراءات
بتاريخ 28 . 8 . 2005 قرر محامي الطاعنين ، الطعن بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 28 لسنة 71 المعدلة امام قلم كتاب المحكمة العليا ، واودع الوكالة و الكفالة ، ومذكرة بأسباب الطعن وسدد الرسوم كما ارفق رسالة رسمية من القلم المختص بأن الاستئناف لم يفصل فيه .
وبتاريخ 30 . 5 . 2005 اودع أحد اعضاء ادارة القضايا مذكرة رادة بدفاع المطعون ضدهم انتهى فيها الى طلب الحكم برفض الطعن .
قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني خلصت فيها الى عدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعن الثاني وقبولها بالنسبة لباقي الطاعنين وفي الموضوع برفضه .
حددت جلسة 08 . 10 . 2008 لنظر الطعن وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وحجز الطعن للحكم بجلسة اليوم .
الاسباب
وحيث ان حاصل ما ينعي به الطــــاعنون على الفقرة الاولى من المادة الســـــــادسة من القانون رقم 28 لسنة 1971 المعدل بالقــــانون رقم 8 لسنة 1371و.ر التي تنص على ان ( يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة او اية إصابة بدنية تلحق باي شخص من حوادث المركبات الآلية اذا وقعت في الجماهيرية العظمى بقيمة تضع امانة اللجنة الشعبية العامة اسس وضوابط تحديدها على ان يكون التامين على السيارات الخاصة والدراجات الآلية لصالح الغير دون الركاب ، وعلى باقي أنواع المركبات الآلية لصالح الغير والركاب ) .
وهذا الذي ورد بالنص الذكور قد ميز بين فئتين من ركاب السيارات ، إحداهما ركاب السيارات الخاصة ، وثانيهما ركاب باقي المركبات الآلية ، وهو ما يتناقض مع البيان الأول للثورة الذي كفل لأبناء البلاد حق المساواة ، إعلان قيام سلطة الشعب الذي أشار إلى البيان الأول للثورة و إلى الإعلان الدستوري .
كما نصت المادة الأولى من قانون تعزيز الحرية رقم 20 لسنة 91 على ان ( المواطنون في الجماهيرية العظمى متساوون في الحقوق ولا يجوز المساس بحقوقهم ) . وانتهى الطاعنون الى طلب الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 28 لسنة 1971 المعدل بالقانون رقم 8 لسنة 1371 و. ر بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات فيما تضمنته من قصر آثار عقد التأمين في شأن السيارات الخاصة على الغير دون الركاب .
لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الطعن ، أن الطاعن الثاني هو قائد المركبة التي شكلت الحادث المطالب بالتعويض عن الضرر الناجم عن الإصابة أو الوفاة ، أي أنه المتسبب في الضرر وبالتالي لا يضمه وصف الراكب ، ولذلك فلا يعد من المخاطبين بالنص المطالب بعدم دستوريه مما تنتفي معه المصلحة الشخصية المباشرة ، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة ما يشترط لقبول الدعاوى كافة وفقا لقانون المرافعات المدنية والتجارية ، وهي أن تتوافر المصلحة والصفة و أهلية التقاضي وهي شروط عامة في كل الدعاوي ، إلا ان شرط المصلحة في الدعوى الدستورية رغم اتفاقه في الأساس مع شرط المصلحة في أيه دعوى من وجوب ان تكون المصلحة شخصية ومباشرة الا ان مصلحة في الدعوى الدستورية ترتبط بالمصلحة في الدعوى الموضوعية التي أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والذي يؤثر الحكم فيه ، في الدعوى الموضوعية .
لما كان ذلك ، وكان إبطال النص القانوني المدعي بعدم دستوريته لن يحقق للطاعن الثاني أية فائدة عملية يمكن ان يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها ، وهو ما يجعل دعوى الطاعن الثاني بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 28 لسنة 71 بشأن التأمين الإجباري المعدل غير مقبولة .
وحيث إنه بالمناسبة لباقي الطاعنين ، فإن الإجراءات الشكلية للطعن قد روعيت بموافقتها للقانون ويتعين قبول الدعوى بالنسبة لهم .
لما كان ذلك وكان الطاعنون ينعون على نص المادة السادسة فقرة أولى من القانون رقم 28 لسنة 1971 المذكور عدم شمول مظلة التأمين ركاب السيارات الخاصة ، لأنه أوجد تمييزاً بين فئتين من ركاب السيارات إحداهما ركاب السيارات الخاصة وأخراهما فئة ركاب باقي أنواع السيارات وبالتالي فإنه يكون قد أحدث تميزاً يتناقض مع البيان الأول للثورة ومع الإعلان الدستوري وقانون تعزيز الحرية كما يتعارض مع المبادئ التي قررتها المحكمة العليا في هذا الشأن وكلها تقرر مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون.
وحيث ان هذا النعي سديد ذلك ان دلالة التعسف واضحه لقيام التفرقة التي لا مبرر لها بين من يصيبهم الضرر من ركاب السيارات الخاصة ، وبين غيرهم .
ذلك ان مبدأ المساواة أمام القانون يستهدف حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها ، وكانت الفقرة الأولى من المادة السادسة المشار إليها قد خلقت تمييزاً حرم شريحة معينة من الركاب من التعويض بالرغم من تساوي مراكزهم فهو مخالف للمبادئ الدستورية الراسخة ، ومن تلك المبادئ ما ورد في القانون تعزيز الحرية حيث جاء بالمادة الأولى من هذا القانون أن ( المواطنون بالجماهيرية العظمى – ذكوراً وإناثاً – أحرار متساوون في الحقوق لا يجوز المساس بحقوقهم ) .
لما كان ذلك وكان مقتضى مبدأ المساواة إقامة وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في النصوص الدستورية بل يمتد من حيث النطق الى الحقوق التي يقررها القانون العادي ، ويكون مصدراً لها ، ومن ثم فلا يجوز للقانون ان يقيم تمييزاً غير مبرر تختلف فيه المراكز القانونية التي تتماثل عناصرها .
لما كان ذلك وكان النص المطعون فيه بعدم الدستورية قد أوجد شكلاً من أشكال التمييز بين شريحتين من ركاب السيارات إحداهما شريحة ركاب السيارات الخاصة ، و آخرهما شريحة ركاب باقي السيارات ، بأن أختص الشريحة الأخيرة بمعاملة تأمينية متميزة تتجسد في شمول التغطية التأمينية لركاب هذا النوع في حين حجب عن ركاب السيارات الخاصة هذه الميزة ، بالرغم من ان جميع هؤلاء الركاب ينتظرهم مركز قانوني متماثل بينهم جميعاً ينطبق في شأنهم وصف الركاب ، كما أنهم ليسوا طرفاً في عقد التأمين المبرم بين شركة التأمين ومالك السيارة ، وهم يتحدون في عدم مسئوليتهم عن وقوع الحادث كما انهم يتحدون في أن أضراراً لحقت بهم من جرائه وكان يستوجب ضماناً للتكافؤ في الحقوق بين هاتين الشريحتين أن تنتظمها قاعدة موحدة لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزاً بين المخاطبين بها . وإذ أقام النص المطعون في دستوريته ذلك التمييز التحكمي بين هاتين الشريحتين فأنه يكون منتهكاً ومتناقضاً لمبدأ المساواة التي نص عليها قانون تعزيز الحرية ، وللمبادئ والحريات العامة للأفراد نصت عليها الدساتير أو لم تنص .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بدوائرها مجتمعة :
أولاً : عدم قبول الطعن الدستوري بالنسبة للطاعن الثاني .
ثانياً : قبول الطعن الدستوري بالنسبة لباقي الطاعنين شكلاً ، وفي الموضوع بعدم دستورية المادة السادسة من القانون رقم 28 لسنة 71 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث المركبات الآلية المعدل بالقانون رقم 8/1371و .ر فيما تضمنه من قصر آثار عقد التأمين في شأن السيارات الخاصة على الغير دون الركاب .
الدكتور المستشار
عبدالرحمن محمد أبوتوتة
رئيس المحكمة
المستشارين الأساتذة :
يوســف مولود الحنيش – محمد إبراهيم الـــــورفلي
فـــــرج يوسف الصـــلابي – المقطوف بلعيد اشكال
جمعة صالح الفيتوري – د. صالح مصطفى البرغثي
الطــــــاهر خليفة الواعـــــر – علي مختــــار الصقر
التواتــــــي حمد أبو وشاح – الهاشمي علي الطربان
د. جمعــــة محمود الزريقي – رجب أبو راوي عقيل
المبـروك عبد الله الفاخري – د. سعــد سالم العسبلي
د. حميد محمد القمـاطي – فــرج أحمـــد معــــروف
مدير إدارة التسجيل
ونيس أحمد الجدي